وسقطت الأقنعه
بقلم: محمد شريف كامل*
9 سبتمبر 2006
لقد شهد العالم فى الأشهرالماضية أحداث
سوف يؤرخ بها المؤرخون حيث تغير مجرى التاريخ و تغير شكل العالم للأبد.
ولإننا ظللنا نتمنى ولكننا لا نعمل ونكتفى
بالحلم، ففقدنا حتى القدرة على أن نستمتع بالحلم وأصبح الحلم كابوسا كئيبا. ولكن
لماذا أصبحنا هكذا ؟
هذا هونتاج عملنا حيث رضينا أن تدمر
لبنان بتشجيع من بعض الحكومات العربية والإسلامية، هذا لم يكن أول هتك عرض فى
حياتنا.
- ألم ننام قارى الأعين وأطفال فلسطين
يحاصرون ويروعون على مرالأعوام
- ألم ننام قارى الأعين والعراق يهتك
عرضه ويسبى تراثه وثرواته
- ألم ننام قارى الأعين وأفغانستان تدمر
كل يوم
- ألم ننام قارى الأعين وسجناء الكلمة
يملؤن السجون العربية والعالميه
كل ذلك مرعلينا ونحن نائمين والحكام العرب متواطئين فى كل خطاه حتى وصل الأمر إلى
أنهم يسارعون لإرضاء الحاكم الفعلي في الكنيسيت والبيت الأبيض، ونكون قد وصلنا إلى
أقصى مراحل الجهل لوتصورنا أن كل منا قد ينجو بذاته من مأساة الدمار وهى ولا شك
خدعة صنعناها بأنفسنا ونود أن نصدقها.
لقد فرض على العالم بأسره ان يستسلم لقوى
الشر (الولايات المتحدة وأتباعها) لفترة طويلة إمتدت منذ إتفاقية كامب ديفيد الأولى والتى تلت ماعرف بمبادرة السلام "الإستسلام"
والتى سلم خلالها الدم العربى الذى أريق فى حروب الإستنزاف وحرب أكتوبر"تشرين"
، سلم على طبق من فضة لقاتله بيد من كان يفترض أنه قائده.
إن كل ذلك يرجع إلى يوم أسود فى تاريخ الإستسلام العربى حيث هبطت طائرة حاكم عربي
(السادات) القدس ليوقع وثيقة الإستسلام وليدافع عنها ويروج لها بعض المنتفعين ذوى
الضمائر النائمة والجيوب الممتلئة من دماء أطفالنا.
وخرجت مصر من الصراع بخيانة كبرى حيث
سلمت القاهرة لأعدائها كما سلمت بغداد من بعد، إن إتفاقية كامب ديفيد بشروطها
وأسلوبها كانت المدخل الأول لإستيلاء الولايات المتحدة وإسرائيل لكل مقدرات أمورنا
وحياتنا وبها جردنا أنفسنا من كل سلاح حتى سلاح الكرامة، والتاريخ
شاهد على ذلك.
لقد كانت تلك الفترة فى التاريخ هى
البداية الحقيقية للإنهيار والإستسلام لقوى الشرعلى أيدى عملآئه من الداخل، ونتج
ذلك عن الغباء الذى أصاب الإتحاد السوفيتى والإسلاميين، فوجهت حكومات وشعوب الدول الإسلامية
كل مواردها للحرب ضد الإتحاد السوفيتى حتى سقط،
وسقطت معه أخر قوى التوازن فى العالم وحقق المتأمرون رسالتهم الحقيقية
بتسليم كل أوراق اللعبة (حسب قولهم) وكل مقدرات العالم للولايات المتحدة وكانت تلك
هى اللحظة المناسبة لتصفية تلك القوى "الإسلامية" بعد أن أستخدمت من قوى
الشرالحقيقي فى تصفية القوى الوطنية القومية.
وإنزلق
العالم كله ذلك المنزلق العميق وكعادتنا لم ندرك من هو العدو؟ ومن هو الصديق؟
وتوالت الأحداث حتى وقف البعض مرة أخرى،بغير وعي، يد واحدة تؤيد إنتخاب الرئيس
الجمهورى جورج بوش لرئاسة الولايات المتحدة ونجحوا فى إدخال الصهيونية المسيحية
للبيت الأبيض بكل هيئتها وقواها حتى كانت "سبتمبر11"، الذى فرض على
العالم هولوكوست جديد بلا تحقيق وبلامتهمون وبلا قضاه، أعلن الإتهام وبسذاجة الكل
تأمر البعض وكان العدوجاهزا.
نحن ذلك الساذج الذى استدرج خطوه تلو الأخرى
حتى أصبح لا صوت يعلو على صوت محاربة الإرهاب وتحركت الأساطيل وتم إحتلال فغانستان
وأدرج من لا علاقة له بسبتمبر11 على لوائح الإرهاب وأصبح لا يوجد فى العالم أى معارضة
أومقاومه بل أصبح كلهم إرهاب، وأصبح الأمر جلى، هى المرحلة الأخيرة من الحركة
الصهيونية والتى دخلت مرحلتها هذة بشهادة كتابها ومحلليها، فالكذبة الكبرى التى
ظلت لأعوام طوال تموج فى عقول البشر قد كشفت، وكانت حرب العراق.
حيث ذج بكل الأكاذيب والتهديدات ودخلت الولايات
المتحدة مع شركائها حملة صليبه جديده، إلا إنها هذه الكره هي حملة صليبيه صهيونية مشتركه الهدف والعمل، وأستيقظ
العالم على شرق أوسط جديد ومناخ جديد فبعد طرد إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000 أحتلت
أفغانستان والعراق وأصبحت القواعد الأمريكية محيطة بالشرق الأوسط من كل جانب وأصبح
الشر فى عقر دار أعدائه مسيطرا عليها، وأمتد الخنوع حتى سجدت الحكومات العربيه
سجود النعاج.
وإستسلم الجميع إستسلام تام، وأصبح السباق على
من يرضى الصهيونية أولا ومن يسجد لها ليكون له بيتا فى جنتها، وخرج محترفو التسلق
والتسلط ليذكرونا بأنهم كانوا على حق حين أيدوا السادات فى كامب ديفيد، وهو كان
أول المستسلمون "على الأقل علنا".
و جاء دور الحملة التأديبية للتخلص من
حزب الله، وهو المدخل الصريح والوحيد للتخلص من إيران وسوريا، الدولتان الوحيدتان
اللتان حافظتا على رفضهما للإستسلام، وإن كانتا قد قبلتا الهزيمة، ولهزيمتهم فى
العراق حديث اخر.
لم يكن سرا أن إغتيال الحريرى ما هو إلا
جزء من الخطة لإخراج سوريا من لبنان والعراق وإخضاع لبنان وللأسف ان المتأمرين من
الداخل والخارج كانوا كثيرون.
وكان الغزو الصهيونى للبنان فى صيف
2006 حيث كانت المفاجئة على كل المستويات،
دول عربية وإسلامية تؤيد ذلك الغزو وأوروبا والغرب يباركه والولايات المتحدة هى
الدافع له، وخرج الوزراء والنواب فى إسرائيل معارضون مطالبون بوقف الغزو نظرا
للمقاومة اللبنانية فائقه الشجاعة التى أجبرت أعدائها للوقوف معها ولو لوقت قصير.
ودارت دائرة الخيانة مره أخرى، حيث زيارة
وزراء الخارجية العرب لبيروت بعد 4 أسابيع من الغزو الصهيونى، لم تكن لمساعدة
لبنان ولكن لإنقاذ ماء وجه إسرائيل والولايات المتحدة، وكان القرار 1701 الذى لم
يفرق عن 1559 فى صياغته لإرادة الولايات المتحدة وعلى العالم حماية إسرائيل وعلى
العرب كذلك حمايتها.
ولكن ليست هذه هى النهاية لقد ولد بالفعل
شرق أوسط جديد حيث ولدت المقاومه من جديد، وإن كانت المقاومة اللبنانية قد حملت
الواجهة الإسلامية ولكنها واجهة إسلامية متحضرة لأنها تحمل فى طياتها صيغة تعايش
وطنى تستطيع به أن تفرض على الغرب وعلى القادة العرب شرق أوسط جديد.
إذن لا مانع من المقاومة ولا قيمة
للإعمارالوهمى (مبانى و طرق وأسمنت...) بلا كرامة و بلا أناس يدافعون عن وطنهم
وشرفهم وأمتلئت الشوارع بمحبي السلام فى وقفه قوية ضد إسرائيل والولايات المتحدة،
وخرج محبي السلام مؤيديين للمقاومة لأنها مثلت لهم القوة البديلة فى العالم ، فكان
أحباء السلام فى العالم وحزب الله بمقاومته هم حجرالعثره فى مشروع الشرق الأوسط الجديد
حسب خارطة الولايات المتحدة وكانا معا حجر زاوية فى بناء شرق أوسط جديد حسب إرادة
الشعوب.
وخرج العالم الإسلامى السنى يهتف لحزب
الله الشيعى ضاربا مخطط الفتنة الطائفية الذى أشعلته الولايات المتحدة فى العراق، وللأسف
ظل الكثير من قيادات السنة السياسية وبعض واجهتها الدينية فى الداخل والخارج
ألعوبة فى أيدى الطائفية البلهاء.
لبنان لم يكن الأول ولن يكون الأخير
طالما هؤلاء يحكمون ويتحكمون فى أمورنا، لبنان بكل مأساته هو محطة يقف عندها قطار
الدمار، ولكنه ليس المحطة الأخيرة فكل
ذائق ذلك الدمار، اليوم أوغدا، لأنه كتب علينا من جراء صمتنا على ما يدور.
لقد لعننا كل طفل فقد أمه أوأبيه، كل طفل
عربى أومسلم لا ينام الليل، ونحن بلهاء نحصى القتلى ولا نحصى الأحياء أولأن القتلى
بلغوا أخر الزمان أم لأننا نحن القتلى الفعليون.
فحين يسعى الشعب لمقاطعة العدو يخرج
علينا مرتزقة العدو يدافعون عنه ويحرمون ويجرمون المقاطعة، وحين نتحدث عن إستخدام
مواردنا للدفاع عن إبنائنا بمنع البترول يخرج علينا ذات المرتزقة بانه علينا أن
نكون متحضريين، يقتلون أطفالنا ونبتسم، أهذه هي الحضاره؟
المخطط وضح منذ زمن طويل ونحن نيام حيث أصرت
الصهيونية على تفتيت الصراع إلى صراع دول وقررت ونجحت فى إخراج أكبرهم من الصراع،
ولكننا لم نعد نحتمل أن نستمع لتلك الأصوات الخافقة القادمة من تحت التراب وهى تشق
مع كل نفس حاجز الصمت وتحق القول عليهم، أنه فى النهاية لن نتذكر كلمات العدو بل
سنتذكر صمت الصديق.
لقد سقطت كل الأقنعة فى أن واحد ولم يعد إلا
وجه الشعب فهل تولد من هذا النورالخافت قيادة وطنية حقيقية؟ الإجابة بيد الشعوب وليس
غيره.
* محمد شريف كامل: كاتب وناشط عربي من
مونتريال